صورة الغلاف

سمراء “عربية” أم شقراء “إنجليزية”..؟

تقاس قوة العلم بقوة اللغة التي كتب بها، فجزالة الألفاظ تعطي للمعلومة أبعادا مختلفة يستطيع الكاتب إن تملّكها أن يأسر بها لب القارئ ويحبس عليه حتى أنفاسه.. ويخرجه من عالمه إلى عالم آخر مفعمٍ بألوان شتى وعلوم متنوعة.. وهو النوع الوحيد من أنواع السحر الحلال.. فكما ورد في الحديث “إن من البيان لسحرا”..
واللغة العربية هي أقوى لغة عرفتها البشرية بما تحتويه من معان يبحر بها من عرف مكنوناتها.. وسبر غورها.. وخاض غمارها.. ويكفيها فخرا وعلوا على غيرها من اللغات أنها كانت لغة القرآن.. ودليل السنة.
والعجيب أن تكون اللغة العربية غريبة في بيتها.. حزينة في عقر دارها.. وهي ترى عقوق من تربى على يديها..!!
سر في أروقة الكليات العلمية جميعها لتراها “عجوزا” قد تلفعت ببردها.. ليس هناك من يرنو لها ولو بعين مشفق فضلا عن عين محب..!! وما علموا أنها لو كشفت برقعها لخروا لجمالها سجدا..!
واستمع إلى من يشرحون الدروس في جنبات تلك الكليات “العلمية”  لتشفق على الفاعل الذي أصبح منصوبا في غالب الأحيان ومطرودا ومطاردا وكأن دمه صار مهدورا، أو ترى المفعول به قد جرّته أو “جرجرته” كسرة ربطت في قدميه كالأغلال التي أعاقته عن بيانه وصفاته، أما الحال فلا داعي لذكر حاله فهو لم يستقر على قرار يترنح بين كسر وفتح وضم..!
وعلى النقيض تماما لا تكاد ترى من يمسك بقاعدة “سكّن تسلم” التي يلجأ إليها أمثالي إذا دهتني قاعدة لغوية لم أحسن تطبيقها.. ولو كانت شاذة فلكل قاعدة شواذ..
إني لا أطالب بأن نصبح جميعا أدباء نتفنن في سرد المعلومات، ونتنقل في الشرح بين شعر ونثر وقصة ولكني أدعو بل أطلب بإلحاح أن “نتأدب” ولو قليلا مع لغتنا فهي لغة علم كما هي لغة فن وشعر ومسرح
دعونا نرفق بتلك الحسناء الجميلة السمراء “العربية” التي يفوق حسنها تلك الشقراء “الإنجليزية..”
مخطئون وواهمون إن ظننتم أني مشفق على حالها.. بل أنا والله مشفق على حالنا من عقوق نلمس آثاره في كل بحث ننشره في دوريات علمية راقية أو غير راقية لا يقرأه أبناء الحسناء العربية فيما يرتع في نعيمه أبناء تلك الشقراء الإنجليزية..
أشفق علينا من أنفسنا..!
أما تلك الحسناء العربية.. فرحم الله من ناصرها

معلومات المقال

  • مؤلف المقال : د. كامل صالح -- رئيس التحرير
  • تاريخ كتابة المقال : 2021-01-02